الخميس، 11 نوفمبر 2010

الصدق

الصدق حقا هو أن تتخلى عن النفاق لتحيا سعيـــــــدا طويلا، فبالصدق تعيش معززا مكرما بين الخلق ترفع مقاما و تنحني لك الرقاب طوعا. الشخص الذي يتخذ الصدق مصباح دربه شخص عاقل و فاضل، متبصر بأمور الحياة حتى و لو لم يكن قد خبرها سالفا، بمجرد أنه يتحرى الصدق في القول و النية و العمل فهو في نظر العباد كريم و شريف، أما إذا اعتمد الكذب صراطا له منذ البدء فسينتهي مكبوبا في حفرة و الجميع يحتقره سواء أأساء إليهم قبلا أم عرفوا عنه بسمعهم حديثا. ما أريد توصيله لكم يا سادتي من خلال هذه النشرة هو أن تجعلوا الصدق شعارا لكم في درب الحياة الوعر و الطويـــل؛ من لا يصدق مع نفسه مستحيل أن يصدق مع غيره بتاتا، و من يصدق مع غيره لا يمكنه الكذب على ذاته أبدا، لأن شخصية الإنسان معقدة و بقدر هذا التعقيد يولد فيها الميول إلى البساطة و الابتعاد كل البعد عن التظاهر و التستر، فكم من امرئ حاول العيش مستهزئا بمكانة غيره، كيف؟ كذب و كذب طول عمره حتى أفضى إلى حمل لقب الكذاب يلازمه و لا يتنحى عنه مهما سعى للتخلص منه، عار كبير و الله. أما من صحب الصدق طول الحياة اُعتبر صادقا حتى و لو أفضى للكذب و تغيرت طباعه في آخر عمره. 
الصدق صفة حميدة و محبوبة ينبغي على جميع الناس التحلي بها، فالمنافق يتظاهر بما ليس فيه و يخفي الوجه الآخر في داخله، لكنه لن يصمد فسرعان ما ينهار و ينكشف مهما طال الزمن أو قصُر.
لا أقول أن الكذب في حالات اللزوم عيب، لكنه مذموم حتى و لو وجب، فالصدق يخلص الفرد من عبوديته لشهوته و لذاته الشخصية التي تطبق عليه كما يطبق الفك على الرقبة، و كما يطبق القفل على نفسه، فلا أحوج لنا من الاتصاف بصفة كريمة مثله و لا أحسن من قول الصدق حتى لو سبب لنا الحرج، هكذا تزول الهموم الداخلية و الارتباك فبعد قوله يشعر الإنسان بالراحة و العظمة و هذا من حقه لأنه سيغدو محترما من الجميع و موصوفا بصفة الصادق ثم إن استمر مواظبا يصدق و يصدق دعي صديقا.